كان هدف اليهود وأعوانهم من الأمريكان وغيرهم من الدول الغربية، وبخاصة بريطانيا التي هي أساس تمكين المحتل المعدي اليهودي، منذ كانت هي تحتل كثيرا من البلدان العربية، ومنه الأرض المباركة "فلسطين".
كان هدفهم أن يقدموا لما سمي بالسلطة الفلسطينية طعما يغريها بالدخول في صراع واقتتال مع المجاهدين الذين نذروا أنفسهم للجهاد في سبيل الله دفعا لعدوان اليهود الذين احتلوا بلادهم وهدموا بيوتهم وأخرجوهم من ديارهم ومارسوا معهم كل أنواع العدوان، من قتل واغتيال وسجن وتعذيب وحصار، وتدنيس لمقدسات.
جعل ذلك كله شباب فلسطين الذين ولدوا في عهد الاستكبار اليهودي الذي أذل آباءهم وانتهك حرماتهم وظن أنه قد استتب له الأمر وأصبح سيد الموقف ومالك البلاد بدون منازع، جعلهم يتحلقون حول بعض علمائهم ومربيهم في مساجدهم وجامعاتهم، يتلون ويستمعون لسورة الأنفال والتوبة وآل عمران والأحزاب ومحمد والحشر، وهي تذكرهم بجهاد القدوة الأولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصفوة أصحابه، وهم ينظمون صفوفهم مجتمعين على كلمة الحق معتصمين بحبل الله، متوكلين عليه، يرفعون راية الإسلام يدفعون عدوان المشركين في غزواتهم وسراياهم.
ويتصدون لكيد اليهود وعدوانهم ومؤامراتهم مع المشركين والمنافقين، فطهروا منهم طيبة الطيبة التي عاثوا فيها فسادا، فأذاقوهم مالا يقوم معوجهم غيره، فطردوا من طردوا وقتلوا من قتلوا، وذلك هو الدواء الناجع لقتلة الأنبياء والآمرين بالمعروف ونهوا عن المنكر.
فأقلق شباب الجهاد في فلسطين اليهود المعتدين الذين امتلأت ترساناتهم ومخازنهم بكل أنواع السلاح الحديث الفتاك، من مقاتلات جوية، وأسلحة برية وبحرية، مدعومة من الصليبية الجديدة في البيت الأبيض، والعواصم الأوربية، وبخاصة لندن، أقلقهم ذلك الشباب بمواقفه الجديدة الغريبة على المحتل ومن يظاهره، لأنه باع نفسه لربه، باذلا نفسه وماله وأهله، يتلقى صواريخ العدو ورصاصه بصدره، لم يكن يملك إلا الحجر يرمي به وجوه هذا العدو بيده أو بمقلاعه، وأحيانا يقع في يده سلاحا خفيفا، جعل فرائص العدو ترتعد، وقلوبه ترتجف، والأرض تتزلزل تحت أقدامه.
فانطلق قادة الأمريكان يمهدون لليهود طوق النجاة من الجهاد الذي أخذ ينمو ويتصاعد، فبدءوا ذلك التمهيد بجر رئيس النظام السابق في العراق، لحرب الخليج الأولى، مع العراق، ثم بعدوانه على الكويت التي كانت تكأة لحرب الخليج الثانية.
ثم رتبت أمريكا مؤتمر مدريد الذي كانت وسائل الإعلام تضج به، وهم يخططون من وراء الستائر لاتفاقية أوسلو، فتم لهم ما ظنوا أنه سينقذ المحتل المعتدي من أطفال الحجارة وشباب الجهاد، عندما تطأ أقدام السلطة الأرض المباركة، فتصطدم بشباب الجهاد، وتوجه كل فئة رصاصها إلى صدور الفئة الأخرى، والعدو يصفق ويقهقه.
ولكن قائد السلطة السابق آنذاك كان يجيد المناورة ويحاول تجنيب الشعب الفلسطيني الانقسام والتقاتل، وقد كنا نرميه بالتآمر معهم ولكن مواقفه أثبتت أنه كان خيرا من مواقف غيره، فوقفوا من ذلك الموقف اليهودي الغادر الذي لا يفي بعهد ولا يتم ما أبرم من عقد، فسجنوه في منزله وحاصروه بدباباتهم وأزعجوه بصواريخهم، ثم لا ندري من قتله بالسم بعد أربع سنوات من حصاره، ولا غرابة إذا كانوا هم وراء تسميميه، لأن ذلك من شيمهم، وقد سممت إحدى نسائهم خير خلق الله محمدا صلى الله عليه وسلم.
وهم اليوم يعقدون الاتفاقات مع السلطة الجديدة بوساطة دول مجاورة، تشتمل على ما تسميه السلطة بالتهدئة، وتحاول إقناع المجاهدين بها، فيستجيبون لذلك وهم يعلمون أن اليهود أهل غدر ومكر لا يمكن أن يلتزموا بتهدئة ولا هدنة مؤقتة أو غير مؤقتة، ولكن المجاهدين يريدون أن يثبتوا للسلطة وللوسطاء وللعالم أن طبيعة اليهود لا تتغير، وأنهم يطلبون أن يعطوا المزيد فيأخذوا وهم يقبضون أيديهم فلا يعطون غيرهم شيئا، وهذا ما حصل ويحصل منهم قديما وحديثا.
فقد حاول رئيس السلطة الاجتماع بزعيمهم الطاغية، لينفذوا شيئا مما تم الاتفاق عليه، ولم يستجب له اليهود منتظرين ما يطلبونه منه ومن سلفه، وهو سلب سلاح المجاهدين، واعتقال قادتهم ومصادرة مؤسساتهم والقضاء على ما يسمونه بالبينة التحتية لهم، وهدفهم من ذلك كله هو أن ينشب القتال بين السلطة وبين المجاهدين، لتستقر أمورهم ويصفو الجو لهم، لأنهم يعلمون أن المجاهدين قد شبوا عن الطوق وتجاوزوا قنطرة الهيمنة عليهم، وإن كانوا لا يرغبون مطلقا، أن يوجهوا رصاصهم إلى صدور إخوانهم الفلسطينيين، سواء كانوا في السلطة أو غيرها.
وقد صبروا كثيرا عندما أدخلوا السجون والمعتقلات، ورشوا برصاص السلطة وهم خارجون من بيوت الله التي يلجئون فيها إلى ربهم لينصرهم على عدوهم.
واليوم تصر السلطة على استمرار التهدئة من قبل المجاهدين وعدوهم يحتل مدنهم وقراهم، ويغتال أبناءهم ويعتقلهم ليملأ بهم الزنازين إضافة إلى إخوانهم الذين مضت لهم في السجون الأعواد تلو الأعوام.
وبدأ الرصاص الفلسطيني يطلق على الصدور الفلسطينية، وتهديدات السلطة تدوي في وسائل الإعلام، ضد المجاهدين، والعدو يضغط ويشتد، وذلك ما سعى ويسعى إليه منذ اتفاقية أوسلو، ولا ندري كيف تصر السلطة على تهدئة من طرف واحد، وهم الفلسطينيون، بينما عدوهم يعيث فسادا في كل شبر من أرضهم.
هل تنوي السلطة المضي في تنفيذ ما يصر العدو على فعله، ليتحقق له ما أراد؟
إن هذا هو ما يتمناه اليهود، ويغريها به البيت الأبيض الذي يعتدي على العالم كله، وبخاصة البلدان الإسلامية، وبخاصة الشعوب العربية وأبنائها.
لذلك نناشد السلطة الفلسطينية أن تتحد مع أبنائها المجاهدين، وتيأس من الصلح مع اليهود، فلا سبيل إلى رد الحق إلى أهله من قبل اليهود إلا بما تضمنته السور الماضية: آل عمران والأنفال والتوبة والأحزاب ومحمد والحشر وغيرها من آيات الجهاد في سبيل الله.
ألا تكفيكم التجارب التي مررتم بها مع اليهود منذ قرن من الزمان.
كما نناشد رجال الجهاد أن يحاولوا الابتعاد عن المعارك مع السلطة أو مع أي فئة فلسطينية، فلا تطلقوا رصاصكم إلى صدوركم.
((وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا...
وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [آل عمران(103،105)]